Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: حياة التواضع والوداعة 13 الأحد 4 سبتمبر 2011 - 1:02 | |
| حياة التواضع والوداعة13 الذات سبب الكبرياء بقلم قداسة : البابا شنودة الثالث
جريدة وطنى - عدد الاحد 4-9-2011
يقع في الكبرياء الإنسان الذي يهتم بذاته بطريقة خاطئة أو أنه يحب ذاته بطريقة خاطئة فهو يكبر في عيني نفسه ويحب أن يكبر في أعين الناس..بل يحب أيضا أن يكبر أكثر من غيره. مثال للذي يكبر في عيني نفسه.
كالشخص الذي يطيل النظر في المرآة يتأمل محاسن نفسه..!أو كالذين أرادوا في القديم أن يبنوا برج بابل, وقالوا بعضهم لبعض:هلمنبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه في السماء ونصع لأنفسنا اسماتك11:4.. صدقوني يا إخوتي ربما كان هؤلاء أقل كبرياء في أعين أنفسهم من الذين قالوا:نصعد إلي القمر نرفع علم بلادنا إليه نصعد أيضا إلي المريخ نمهد إلي سكني الكواكب أو ننظم رحلات إليها.
كلها أمثلة للعقل البشري,حينما يكبر في عيني نفسه ويتصور تصورات أو تخيلات تليق بهذا اللون من الكبر. أما الذي يريد أن يكبر في أعين الناس,وأن يمجدوه:
فهو مثل هيرودس الملك الذي وهو يخاطب الناس من علي عرشه سر أن يمجده الناس قائلين هذا صوت إله لاصوت إنسانأع12:22ففي الحال ضربه ملاك الرب بسبب كبريائه فمات وأكله الدود. ومثال آخر هو هامان في عهد أحشويرش الملك-الذي اضطهد مردخاي لأنه لم يسجد له مثل سائر الناس الذين يمجدونهإس3:3-6. علي أن البعض لايكفيه أن يكبر بل يريد أن يكبر أكثر من غيره.
مثال ذلك أبشالوم بن داود الملك الذي أراد أن يصير أكبر من أبيه وأن يجلس علي العرش بدلا منه ودخل في حرب ضده2صم15:18 والذي يريد أن يكون أكبر من غيره يقع في حب الرئاسة
ليكون أعلي من غيره قدرا وقد حورب الآباء الرسل بهذا الأمر من يكون الأول فيهم فقال لهم السيد الربأنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم فلا يكون هكذا فيكم بل من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدامت20:25-27 وطبيعي أن الذي يحب أن يكون الأكبر يكره أن يكون هناك من هو أفضل منه ونتيجة لهذا تدب روح الغيرة والحسد: فلما رأي شاول الملك أن الفتي داود قد ناله مديح أكثر منه بعد أن انتصر علي جليات الجبار تملكته الغيرة والحسد فأراد قتل داود أكثر من مرة وطارده من مكان إلي آخر وتغير قلبه من جهته 1صم18:7-15.
أيضا قايين قام علي أخيه هابيل وقتله لأن الرب قبل ذبيحة هابيل ولم يقبل تقدمته هو فتملكته الغيرة والحسد التي انتهت به إلي القتل كذلك إخوة يوسف الصديق لما رأوا أنه قد صار أفضل منهم بالأحلام التي حكاها لهم وبالقميص الملون الذي منحه أبوه إياه لذلك حسدوه وازدادوا أيضا بغضا له, احتالوا عليه ليميتوه وأخيرا باعوه كعبدتك37.
نفس الغيرة أيضا دبت بين أختين شقيقتين هما ليئة وراحيل من أجل الأفضلية في
إنجاب البنين وفي كسب محبة الزوجتك29:35,31حتي قالت راحيل: مصارعات الله قد صارعت أختيتك30:8
عجيب أن يشعر إنسان بكبره لأسباب تحيط بذاته من الخارج مثال ذلك سليمان الملك الذي شعر بذاته لأسباب كلها خارجة عنه مثل قوله: بنيت لنفسي بيوتا غرست لنفسي كروما عملت لنفسي جنات وفراديس...عملت لنفسي برك مياه لتسقي بها المفارس المنبتة الشجر قنيت لنفسي عبيدا وجواري...وكانت لي أيضا قنية بقر وغنم أكثر من جميع الذين كانوا في أورشليم قبلي...وعجيب أنه قال بعد كل تلك الأسباب الخارجية:فعظمت وازددت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليمجا2:4-9بينما المفروض أن تكون أسباب العظمة من الداخل كقول المزمور:كل مجد ابنة الملك من داخلمز45:13
علي الرغم من إنهامشتملة بأطراف موشاة بالذهب ومزينة بأنواع كثيرةومع ذلك ما أكثر الذين يكبرون في أعين أنفسهم أو في أعين الناس بأسباب خارج الذات مثل السلطة والغني والمركز ما أشبه.
علي أن البعض قد يكبر بسبب ذاته:كأن يكون حكيما في عيني نفسه أو بارا في عيني نفسه. الحكيم في عيني نفسه يعتد برأيه وبفكره ويظن باستمرار أنه علي صواب والحق في جانبه بينما يقول الكتاب:علي فهمك لا تعتمدولاتكن حكيما في عيني نفسكأم3:5-7
والحكيم في عيني نفسه لايري أنه محتاج إلي مشورة أو إلي نصح لأنه مكتف بذاته من جهة الفكر وواثق بمعرفته بل قد يصل في ذلك إلي مقاومة الرأي الآخر في عناد وتشبث برأيه, أما البار في عيني نفسه فهو الذي يشعر أنه لايخطيء أبدا ولذلك فهو لايقبل عتابا ولايكون مستعدا لتغيير مسلكه. والبار في عيني نفسه,والحكيم في عيني نفسه كلاهما يصيبهما الغرور.
والمغرور له ثقة زائدة في نفسه يظن في نفسه أكثر من حقيقتها بكثير ويعتد بنفسه وربما تكون له مواهب أو قدرات تتعبه تكون مصدرا لغروره أو قد يظن أن له مثل هذه المواهب والقدرات
المغرور بذاته يعتمد علي نفسه أما المتواضع فيعتمد علي الله.. الواثق بنفسه يكون كثير العمل أما المتواضع فيكون كثير الصلاة. المغرور إذا نجح يفتخر بعقليته وجهده وعمله أما المتواضع فإذا نجح يشكر الله لأنه لم ينجح إلا بمعونة منه.
وهذا المغرور قد لايعمل شيئا ولكنه في كثير من الأحيان يسبح في أحلام اليقظة ويتخيل فيها أنه يقوم بعظائم الأمور!!وهو قد يقحم نفسه في أمور ربما تكون فوق مستواه ظانا أن يستطيع أن يبدي فيها رأيا أو يعمل فيها عملا وغالبا ما يفشل وإن فشل أو صده الناس قد ينطوي يتأمل في وحدته محاسن نفسه ومواهبها بعيدا عن مجتمع لايقدرها ولاينتفع بها!!
الذين يريد أن يكبر ذاته يعمل علي تحقيق ذاته في كل شيء ويقصد بعبارةتحقيق ذاتهأنه يشعر بوجود هذه الذات وحفظ مكانتها في كل عمل تعمله حتي في الكنيسة وفي الخدمة يريد أن هذه الذات تظهر وتحقق وجودها وما أكثر ما تتحطم الخدمة بظهور الذات ومحاولتها أن تبدو وأن تسيطر ولا مانع من أن تصطدم بغيرها ويسود الانقسام والصراع في الخدمة بسبب الذات. حتي في التعليم قد تحاول الذات أن تثبت وجودها
وربما في سبيل ذلك يوجد المنهج الخاص والتعليم الخاص والخروج عن المفهوم العام لتقديم مفهوم خاص تتميز به الذات وتظهر وقد تحاول أن تحطم التعليم القديم الثابت في الأذهان لتقدم تعليما جديدا... وهكذا تظهر البدعة وتدافع الذات عنها لتثبيتها وفي الخدمة ما أسهل أن تسعي الذات وراد المتكآت الأولي والمنافسة عليها فلا تكون الذات بإذالة في مجال الخدمة بل تكون الخدمة هي الوسيلة التي تظهر بها الذات وتنال بها تقديرا واحتراما. ومن أخطر ما تقع فيه الذات:الاستقلال عن الله
وكأن الذات تبحث عن ملكوتها هي,وليس عن ملكوت الله وتهتم بتنفيذ مشيئتها الخاصة لا مشيئة الله وتحقيق رغباتها هي لا وصايا الله وبهذا تبعد كل البعد عن حياة الطاعة والتسليم.
ومن الأمثلة البارزة في هذا المجال يونان النبي الذي هرب من تنفيذ أمر الله في الذهاب إلي نينوي والمناداة عليها بالهلاك لأنه كان يدرك إنها إن تابت بمناداته سيغفر الله لها ولاتهلك.. فتسقط كلمته في المناداة عليها وقد حسب ذلك ضمن كرامته!!
لذلك عندما رحم الله أهل نينوي, غم ذلك يونان غما شديدا فاغتاظ وقال:الآن يارب خذ نفسي لأن موتي خير من حياتييون4:1-3 ومن مظاهر استقلال النفس عن الله رغبتها في أن تحيا في حرية مطلقة ولو تعصي فيها كل وصاياه!!
وهذا ما وقع فيه الكثيرون وقادتهم الحرية الخاطئة إلي التسيب والانحلال وإلي الإباحية والشذوذ والمطالبة لأنفسهم بحقوق في إباحيتهم وشذوذهم ومن أمثلة ذلك أيضا الوجودين الذين رأوا أن وجودهم لا يتحقق في ظل وصايا الله فنادوا بأنه من الخير أن الله لايوجد لكي يوجدوا هم أي لكي تتحقق لهم الحرية الكاملة في التمتع باللذة المنحرفة مستقلين عن الله...!
والذي من أجل تحقيق ذاته يأخذ هذا الموقف من الله طبيعي جدا أن يأخذ نفس الموقف من أب الاعتراف.
فهو لايريد أن يكون أب اعترافه عائقا لحريته, لذلك لايطيعه إلا فيما يتفق مع غرضه هو وإن نصحه أب الاعتراف بتدبير يراه ضد فكره واتجاهه يجادله ولو إلي حد عدم الاستجابة لإرشاده وقد يلجأ إلي عدم استشارته مطلقا في أي أمر يشعر بأنه سيرفضه.. وبهذا يريد أن يكون أب اعترافه مجرد جهاز تنفيذي لرغباته يعطيها شرعية كنسية بالموافقة عليها!وإلا يطلب تغييره!
وتكون نتيجة سيطرة الذات عليه أن يسلك حسب هواه... والإنسان الذي يحب ذاته بمثل هذه المحبة الخاطئة تظهر هذه الذات مسيطرة في معاملاته. فهو يريد أن يكون أهم من غيره ويريد احتراما لذاته من كل من يتعامل معه ويكون حساسا جدا لكرامته وسمعته ونفوذ كلمته!
وبسبب ذلك ما أسهل أن يصطدم بغيره وتقوده الذات إلي خصومات وربما إلي معارك ويقوده التنافس إلي الحسد. وتظهر الأنا EGO واضحة في تعامله تقوده إلي الأنانية التي تسبب له كراهية الناس وتجنبهم للاختلاط به.
ويميل إلي العظمة وتشامخ الروح ويود أن تكون هذه العظمة له وحده وتزول من غيره لتستقر عنده ويستاء من كل مديح يوجه إلي غيره كما لو كان إعجاب الناس وقفا عليه وحده!
والمتهم بذاته يقع أيضا في الطمع. وينطبق عليه قول الكتابكل الأنهار تجري إلي البحر والبحر ليس بملآنجا1:7ذاته لا تحاول أن تكتفي في كل المجالات لا تكتفي غني ولا عظمة ولا مديحا.
أليس أن الشيطان لم يكتف بما كان فيه من مجد فأراد أن يرتفع فوق كل كواكب الله بل أن يصير مثل العلي!1ش14:13-14وفي طمع الإنسان المحب لذاته قد لايسمح بأن يعطي فرصة لغيره أن ينال شيئا إلي جواره كما قيل عن رعاة لوط أنهم اختصموا مع رعاة إبراهيم لما كثر الخير فتنافسوا علي المراعي وقيلت تلك العبارة المؤلمةولم تحتملها الأرض أن يسكنا معاتك13:6والذي تقوده الذات إلي الطمع يصعب عليه العطاء. فيجب الأخذ أكثر من العطاء بعكس وصية الربأع20:35
من أجل تمركزه حول ذاته.. يصعب عليه دفع العشور والبكور ويصبح العطاء كأنه انقطاع من ذاته وفي قصة الغني ولعازرلو16 كان لعازر يشتهي الفتات الساقط من مائدة الغني وذلك لايعطيه وبالتالي فإن المحب لذاته-إذ أعطي-يصعب عليه أن يعطي في الخفاء لأن ذلك لايمجد ذاته في أعين الناس.
وإن أعطي يكون عطاؤه كله خارج ذاته بينما أعظم العطاء هو في بذل الذات لأجل الغير حسب قول الربيو15:12. والمحب لذاته يقع في الافتخار وفي تبرير الذات فهو يكثر الحديث عن نفسه وفضائلها وبلا شك يتحدث عن أنصاف الحقائق لأن النصف الآخر من الحقيقة وهو ضعفات ونقائص تلك النفس,لايذكره في حديثه...
| |
|
mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: رد: حياة التواضع والوداعة 13 الأحد 4 سبتمبر 2011 - 2:42 | |
| | |
|