عروسة النشيد اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 5773 العمر : 37 تاريخ التسجيل : 27/10/2010
| موضوع: حياة التواضع والوداعة28 الأحد 18 ديسمبر 2011 - 22:32 | |
| حياة التواضع والوداعة28 الوداعة بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث
ماهي الوداعة وأهميتها؟وماهي صفات الوديع؟ أهمية الوداعة: فضيلة الواعة من أهم الفضائل المسيحية-يكفي قول السيد الرب: تعملوا مني فإني وديع ومتواضع القلب-فتجدوا راحة لنفوسكممت11:29.
كان يقدر أن يقول تعلموا مني سائر الكمالات المسيحية لكنه ركز علي الوداعة والتواضع بالذات.وذكر نتيجتها أنكمتجدون راحة لنفوسكمفالإنسان الوديع يعيش في هدوء وراحة بينما من يفقد الوداعة يعيش في صراعات وتعب... القديس بولس الرسول يضع الوداعة ضمن ثمار الروحغل5:23. فالإنسان الذي يسلك بالروح من الطبيعي أن يكون وديعا وهادئا وهكذا يقول القديس بطرس الرسول..زينة الروح الوديع الهاديء الذي هو عند الله كثير الثمن1بط3:4
والسيد المسيح في عظته علي الجبل وضع التواضع والوداعة في مقدمة التطويبات. فقالطوبي للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات..طوبي للودعاء فأنهم يرثون الأرضمت5:5,3فهم يرثون هذه الأرض التي نعيش عليها إذ يكونون محبوبين من جميع الناس.. كما أنهم في العالم الآخر,يرثونأرض الأحياءالتي ذكرها داود النبي في المزمورمز27:13حينما قالأؤمن أني أعاين خيرات الرب في أرض الأحياء. وقال أيضاالرب يرفع الودعاء ويذل الخطاة إلي الأرضمز147:6 وقاليسمع الودعاء فيفرحونمز34:2. ومن اهتمام الكنيسة بالوداعة,إنها تنصحنا بها في كل صباح.
فتضع لنا في مقدمة صلاة باكر جزءا من رسالة القديس بولس إلي أهل أفسس يقول فيهأسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يليق بالدعوة التي دعيتم إليها بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة محتملين بعضكم بعضا في المحبة...أف4:2,1. ولاشك أن طول الأناة والاحتمال هما من صفات الوداعة أيضا التي تنصحنا بها الكنيسة في كل صباح لنسير بها طول النهار. وفي شرح أهمية الوداعة في الحياة الروحية يقول القديس يعقوب الرسول:
من هو حكيم وعالم بينكم فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمةيع3:13وشرح كيف أن الحكمة النازلة من فوق هي طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوءة رحمة وأثمارا صالحةيع3:17وهذه من صفات الوداعة. الوداعة إذن مرتبطة بالحكمة والحكمة مرتبطة بالوداعة وهذه هيوداعة الحكمة. حتي في إصلاح الآخرين يكون ذلك في وداعة. وفي هذا يقول الرسول:أيها الإخوة أن انسيق إنسان فأخذ في زلة, فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظرا إلي نفسك لئلا تجرب أنت أيضا.. أحملوا بعضكم أثقال بعضغل6:2,1.
إذن في إصلاح شخص أخطأ لايكون ذلك بالعنف ولا بالشتيمة والتشهير إنما بروح الوداعة فهذا هو أسلوب الروحانيين. وقد كانت الوداعة هي صورة المسيحيين منذ البدء: حتي إنه قيل عن روحيات المسيحيين في العصر الرسولي:إنه حينما كان أحد الوثنيين يقابل زميلا له,ويجده بشوشا هادئا...يقول لهلعلك قابلت مسيحيا في الطريق!..ويقصد بذلك أن لقاءه مع أحد المسيحيين في وداعته يكون قد طبع الوداعة علي وجهه بالتأثير.. ويقول القديس بطرس الرسول في الحديث عن الإيمان: مستعدين في كل حين لإجابة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف1بط3:15. أما وقد تكلمنا عن أهمية الوداعة فنقول إن الله هو مثالها الأول . وداعة الله: إن الله وديع في تعامله يعطي الفرصة للعاملين معه أن يكلموه بكل حرية ويعبروا عن رأيهم- مهما كان يبدو مخالفا-بكل جرأة وبغير خوف!
0 من تواضع الرب كلم أبانا إبراهيم من جهة سادوم قبل أن يهلكها.. وإذا بإبراهيم يتكلم مع الله بجرأة عجيبة ويقول لهأتهلك البار مع الأثيم؟!...حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر, أن تميت البار مع الأثيم فيكون البار كالأثيم. حاشا لك.. أديان الأرض كلها لايصنع عدلا؟!تك18:23-25.
لولا وداعة الله الذي يقبل مثل هذا الكلام دون أن يغضب ما كان إبراهيم يتكلم مع الله بمثل هذا الأسلوب!! أحيانا لايجرؤ موظف أن يكلم رئيسه هكذا ولو كان هذا الرئيس مديرا لإدارة صغيرة..!أن يقول له:حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر أو أن يلمح له في كلامه أنه بذلكلايصنع عدلا..!
بل إن إبراهيم مع أنه بدأ في حواره مع الله بعدد خمسين قائلا:عسي أن يكون في المدينة خمسون بارا.. أفتهلك المكان ولاتصفح عنه من أجل الخمسين بارا الذين فيه؟فلما قال له الرب :أصفح علي المكان كله من أجلهم..عندئذ بدأ إبراهيم ينقص العدد إلي 45 إلي40 إلي ثلاثين إلي عشرين إلي عشرة..وكل ذلك والرب في وداعة شديدة يقبل الحوار ويوافق علي عروض إبراهيم إلي أن قال لهلا أهلك من أجل العشرةتك18:32. إن الله في وداعته طويل البال في الحوار. كثيرون من رجال السلطة لايقبلون أن يناقشهم أحد في قراراتهم وإن قبلوا لايستطيعون أن يطول النقاش وأن يستمروا في التنازلات بل أنهم يضعون للحوار حدودا أما الله فوداعته بغير حد.
0 مثال آخر لوداعة الله حديثه مع عبده موسي بعد عبادة الشعب للعجل الذهبي حيث أراد الله أن يفني ذلك الشعب الخائن. يقول الرب-في وداعته-لعبده موسياتركنيلأفني هذا الشعبخر32:10ولكن موسي يقول للرب في جرأةارجع يارب عن حمو غضبك واندم علي الشر..اذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل..وذكره بأنه قد يقول المصريون وأخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبال ويفنيهم عن وجه الأرضتك32:13,12العجيب أن الرب في وداعة قبل كلام موسي وندم علي الشر!خر23:14في وداعة الرب مع إبراهيم قبل أن يناقشه في قراره أما في وداعته مع موسي فقد فعل ما هو أكثر:أن يلغي قراره!!
قد يوجد إنسان بشر من تراب:إن طلبت منه أن يلغي قراره يثور ويعتبر هذا الطلب ضد كرامته ولايقبل الرجوع عن قرار أصدره أو ينوي إصداره أما الرب فواسع الصدر ويقبل النقاش ويقبل الرجوع..وأكثر من هذا يقبل الكلمات الشديدة في كلام عبيده معه مثل عبارات حاشا, ولايصنع عدلا, وأخرجهم بخبث ليهلكهم... لولا أن الله وديع وطيب ما كان يقبل كل هذا ... أمثلة أخري يقبل فيها الرب عبارةلماذاعن أحكامه وأعماله: يقول له أرميا النبيأبر أنت يارب من أن أخاصمك لكن أكلمك من جهة أحكامك:لماذا تنجح طريق الأشرار.. اطمأن كل الغادرين غدراأر12:1.
ما أكثر الرؤساء والحكام الذين لايجرؤ أحد أن يكلمهم من جهة أحكامهم وأن يقول لهم لماذا؟ولكن الله الوديع ليس كذلك...ويقبل أيضا أن يقول له عبده داود معاتبا يارب لماذا تقف بعيدا؟لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟!مز10:1يقول هذا للراعي الصالح الذي لم يعوزه شيءمز23:1.
بل لولا وداعة الله ما كان يسمح للشيطان أن يناقشه وأن يطلب منه في قصة أيوب الصديق. وداعة من الله أنه بينما بنو الله يمثلون أمامه يسمح أن يجيء الشيطان في وسطهمأي1:6ووداعة منه أيضا أنه بينما يقول الله عن أيوب إنه رجل كامل ومستقيم...يتدخل الشيطان محتجا علي ذلك فيقولهل مجانا يتقي أيوب الله؟!أليس أنك سيجت حوله وحول بيته...وباركت أعمال يديه...ولكن أبسط يدك الآن ومس كل ماله فأنه في وجهك يجدف عليكأي1:11,9, والعجيب أنه-في وداعة الله-يقبل هذا الكلام من الشيطان ويسمح له بأن يجرب داود قائلا لههوذا كل ماله في يدكأي1:12وبعد أن ينجح أيوب في التجربة يسمح الله مرة أخري للشيطان أن يقف أمامه مع نبي الله ويبدي الرب إعجابه بأيوب قائلاوإلي الآن هو متمسك بكماله...وإذا بالشيطان يتطاول ويقول للهابسط الآن يدك ومس عظمه ولحمه فأنه في وجهك يجدف عليك!أي2:5. والعجيب أنه في وداعته الله يقبل من الشيطان ما قاله في غير خجل! بل ويقول له أيضا ها هو في يدك ولكن احفظ نفسهأي2:6.
مثل آخر في الوداعة أن السيد المسيح يقبل أن يجربه الشيطان.. واستغل الشيطان هذه الوداعة فقال للسيد عن كل ممالك الأرض ومجدهاأعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت ليمت4:9. إن الوديع يسمح أن يكلمه البعض بما يريد بكل جرأة ولكن لا يجوز أن تستغل وداعة الوديع لكي يتطاول البعض عليه بغير حياء.
| |
|